من العجائب والغرائب رجل أعمال برازيلي يدفن سيارته البنتلي

في صباحٍ مشمس في أحد أحياء ساو باولو الراقية، تجمّع العشرات من الصحفيين، والمصورين، وشخصيات من عالم المال والأعمال، وحتى بعض الفضوليين العاديين، أمام حديقة فيلا فاخرة تعود لرجل أعمال برازيلي شهير يُدعى "شيكينو دي ألفيش".
المشهد لم يكن عاديًا: حفرة عملاقة محفورة في قلب الحديقة، ورافعة ضخمة تقف بجانب سيارة من طراز "بنتلي مولسان" فارهة، تبلغ قيمتها ما يزيد عن 5 ملايين دولار، وشيكينو يقف بثبات وتأمل، وكأنه يودّع شخصًا عزيزًا.
المفاجأة الأكبر؟
أنه أعلن أنه سيدفن سيارته بنفسه، كما كان يفعل الملوك الفراعنة في مصر القديمة، حين كانوا يدفنون معهم ممتلكاتهم في مقابرهم الملكية استعدادًا للحياة الأخرى!
لكن القصة لم تنتهِ هنا…
بل بدأت الدهشة تتحوّل إلى تصفيق، و"الجنازة" تتحوّل إلى صرخة أمل لكل يتيم في البرازيل.
تعال نروي لك كل شيء بالتفصيل، لأن ما فعله هذا الرجل أغرب من الخيال… وأصدق من أي عمل درامي.
رجل الأعمال "شيكينو" لم يكن شخصية عادية في عالم المال البرازيلي.
يمتلك سلسلة معارض سيارات فارهة، وعددًا من الفنادق الفخمة، ويُعرف بعشقه الشديد لكل ما هو كلاسيكي وأثري.
لكن هوسه الحقيقي كان في السيارات النادرة، إذ كان يحتفظ في مرآب خاص بـ20 سيارة من أندر الطرازات في العالم.
في أحد الأيام، وخلال مشاهدته لفيلم وثائقي عن الحضارة المصرية القديمة، شدّه مشهد فرعون يُدفن في مقبرة ضخمة، محاطة بكنوزه، وعرباته
يقول شيكينو:
"تساءلت فجأة… ماذا لو دفنت أغراضي المفضلة أنا أيضًا؟ ماذا لو بقيت سيارتي بجانبي حتى بعد موتي؟"
وهكذا… ولدت الفكرة المجنونة.
لم يُخبر أحدًا في البداية، بدأ في تجهيز الحفرة بشكل سري تحت غطاء أنه يُجدد الحديقة.
قام بتصميم "قبو ضخم" تحت الأرض، بعزل مقاوم للرطوبة، بُني خصيصًا ليتسع لسيارة "بنتلي مولسان"، التي كانت تُعتبر جوهرة مجموعته.
كانت السيارة قد صُنعت خصيصًا له، وفق مواصفات خاصة، بلون داخلي نادر، وتطريز اسمه على المقاعد.
ويُقال إن الشركة البريطانية بنتلي أرسلت له شهادة مُوقعة بخط اليد لتوثيق أن هذا الموديل لا يوجد له ثاني في العالم.
في هذه المرحلة، لم يكن أحد يعلم بالخطة النهائية… حتى أقرب الناس إليه.
في صباح ذلك اليوم، بدأ الضيوف يتوافدون على فيلا "شيكينو"، البعض ظن أنه مؤتمر صحفي لإطلاق موديل جديد من السيارات، أو حتى إعلان استثماري ضخم.
لكن الصدمة جاءت عندما بدأ شيكينو يتحدث، وسط دهشة الجميع، وقال:
"قررت أن أدفن سيارتي المفضلة، كما يفعل الفراعنة… لأني لا أريد أن يرثها أحد، هذه السيارة تمثّل رحلة حياتي، شغفي، نجاحي، وحتى وحدتي!"
الناس بدأوا يهمسون، البعض اعتقد أنه فقد عقله، والبعض الآخر ظنها مسرحية.
ثم بدأ العمال بإنزال السيارة ببطء شديد داخل الحفرة، وسط صمت مشحون، وكأننا أمام جنازة حقيقية.
لكن قبل أن تُغلق الحفرة، وقف شيكينو، وأمسك بالمايكروفون،
"لكني لن أدفنها... بل سأبيعها، وأتبرع بكل عائداتها لبناء دار أيتام لأطفال الشوارع الذين لا يملكون حتى غطاء يقيهم المطر!"
هنا، انفجر الجمهور بالتصفيق.
تحوّل الموقف الغريب إلى لحظة إنسانية عظيمة.
شيكينو أكمل حديثه:
"أنا لم أكن أريد دفن سيارة… كنت أريد دفن فكرة: فكرة الأنانية، والتعلق بالماديات، والتباهي.
أردت أن أصدم العالم، ثم أقول له: الإنسان أهم من أي شيء تملكه.
الأطفال في شوارع البرازيل ينامون على الأرصفة، وأنا كنت سأدفن سيارة بـ5 ملايين تحت التراب؟! لا والله… أنا أتبرأ من نفسي قبل أن أفعل ذلك."
الناس سألوه: لماذا لم تتبرع مباشرة؟ لماذا كل هذا المسرح؟
وكان رده:
"لأننا أصبحنا لا نرى التبرع إلا كأرقام تُكتب في ورقة.
أردت أن ألفت انتباه الناس. أردت أن أستخدم شيء يحبه الإعلام (المفاجأة، الغرابة، الجدل) لكي أحوّله إلى شيء مفيد.
لو كنت قلت ببساطة: سأتبرع بسيارتي… ما كان أحد ليهتم. لكن الآن؟ العالم كله عرف… والرسالة وصلت!"
وفعلاً… صوره انتشرت في كل مكان، من الصحف العالمية إلى منصات التواصل، وعناوين مثل:
"رجل يدفن سيارته… ثم يُحيي قلوب الناس!"
اجتاحت الإنترنت.
بعد أيام من إعلان التبرع، بدأت المزادات تُعرض على السيارة.
ارتفعت قيمتها من 5 ملايين إلى أكثر من 7 ملايين بسبب شهرتها الجديدة.
شيكينو رفض بيعها لأي تاجر سيارات، وأصر على أن يشتريها شخص يتعهّد أن يضع
"هذه السيارة ساعدت في بناء دار أيتام في ساو باولو… حيث يعيش اليوم أكثر من 200 طفل."
وبالفعل، بعد شهر واحد فقط، تم وضع حجر الأساس لمركز يحمل اسم والدته:
"مؤسسة ماريا دي ألفيش لرعاية أطفال الشوارع"
الحدث لم يكن محليًا فقط… بل تحوّل إلى "ترند عالمي".
في تويتر، فيسبوك، إنستغرام… كل الناس يتداولون القصة.
المغنية العالمية "شاكيرا" غرّدت:
"في عالم مهووس بالترف… هذا الرجل ذكّرنا بإنسانيتنا!"
حتى أحد البرامج الأمريكية الساخرة قال:
"لو كانت بنتلي تعرف، كانت بكت فرحًا أنها ستتحوّل من رمز رفاهية إلى رمز إنسانية!"
من منظور نفسي، تصرّف شيكينو يعكس صراعًا داخليًا عاشه كثير من الأغنياء:
الخوف من الموت بدون أثر
الرغبة في فعل شيء لا يُنسى
الحاجة لتطهير الذات من شعور الذنب تجاه الفقراء
ولذلك استخدم طريقًا غير مباشر… فيه بعض الاستعراض، لكنه صادق.
القصة ليست عن سيارة… ولا عن رجل غريب الأطوار.
هي عن كيفية استخدام المال، والتأثير، والإعلام في صناعة التغيير.
في عالم مليء بالاستعراضات الزائفة، شيكينو قدّم عرضًا بصريًا… لكن نهايته لم تكن لأجله، بل لأطفال بلا مأوى.
وفي كل مرة تسمع فيها قصة أغرب من الخيال… اسأل نفسك:
هل الهدف منها هو لفت الانتباه فقط؟ أم لفت القلوب قبل العيون؟
شيكينو لم يدفن سيارته… بل دفن شيئًا آخر:
دفن ثقافة التفاخر
دفن أنانية الأثرياء
دفن فكرة أن
وبدل أن تكون سيارته قطعة فنية راكدة في مرآبه، تحوّلت إلى لبنة في بناء حياة مئات الأطفال.
لمشاهدة الفيديو: